لطفي الديردي، اسم قد لا يعرفه الكثيرون لكنه كان وراء عملية الكشف عن الحليب الممزوج بمواد كيميائية غير صحية.. السلطات القضائية والأمنية لم تصمت وبادرت بفتح التحقيقات وأعلنت عن فحص عدد من الأطفال المستهلكين لهذه المادة نظرا الى خطورة الموضوع.
يقول لطفي «إن من تورّط في القضية بريء وهو مجرّد عامل بسيط وعبد مأمور.. يقوم بتنفيذ الأوامر بخلط تلك المواد مع الحليب وأن صاحب المصنع هو من كان يأمره بتلك المهمة.. وانه مجرد «خدّام» وليس بفني».
وأشار الى أن الرئيس المدير العام للمجمع كان يقول بأن تلك المواد حافظة للحليب وتمنعه من الفساد.
كبش فداء
اعتبر محدثنا أن الموقوف حاليا ليس الفاعل الحقيقي وانه كبش فداء.. مشيرا الى شكوكه بأن هناك رؤوسا كبرى تقف وراء عملية الحفظ هذه وتدعم صاحب المجمع وتحميه.
وأشار الى أن صاحب المعمل روّج الى أن لديه «رؤوسا» تحميه وانه لن يقع تحت طائلة القانون.. وقال ان هناك 500 عائلة في زغوان من الذين يعرفون الموقوف ومن العاملين في المصنع وكلّهم لن يعرفوا طعم فرحة العيد.. فهم يشعرون بظلم وقع على العامل ليتحمّل عبء القضية.
وقال «هذا العامل كافل لوالدته ولزوجته الحامل وهو كبش فداء للجناة الحقيقيين..».
اكتشاف التلاعب
حكاية اكتشاف الحليب الفاسد انطلقت عندما علم لطفي الدريدي من صديقه الموقوف حاليا بأن هناك غموضا ولبسا في عملية حفظ الحليب وبأن لديه شكوكا في المادة المستعملة والتي يتمّ خلط الحليب بها.
ولطفي هو عامل حديث العمل بالمصنع، استغرب عندما علم أن كل المواد التي تدخل المصنع مفوترة حتى من «المسمار الصغير» إلا تلك المادة التي لاحظ هو والعاملون والحارس الليلي وغيرهم حسب قوله، إنه يتمّ جلبها تحت جنح الظلام.
وأضاف بأن ما تمّ كشفه عندما أوقف هو الشاحنة ليلا وأبلغ الأمن عنها هي مادة الفسفاط، ولكنه في المقابل لم يتم الكشف عن مادة «السودا» المستعملة أيضا والأكثر خطورة حسب شهادته.
وفسّر لطفي ما اعتبره مظلمة في حق الموقوف بأنه هو من أعطاه فكرة عمّا يجري في المصنع وشجعه على إبلاغ السلطات الأمنية.. وقال إن صاحب المصنع يساوم حاليا شقيق الضحية والجاني حتى ينكر ما نُسب إليه ويقول إن صاحب المصنع مظلوم وإن ادعاءاته وأقواله كانت في حالة سكر.. وقد استنكر محدثنا ما يحدث قائلا «إن الموقوف لم يشرب يوما الخمر».
الضمير أولا
يقول لطفي الدريدي إن ما حمله على الإبلاغ هو ضميره ولم يهتم وقتها بأنه سيفقد عمله جرّاء قول الحقيقة، فأرواح النّاس وصحتهم أهم من أي شيء. وقال «نحن شعب بسيط نستيقظ صباحا على تناول كأس من الحليب والخبز.. فهل سيساوموننا في صحّة حليبنا أيضا؟».
لطفي تحدث بلوعة عن الموقوف الذي مستواه ابتدائي وليس فنيا.. وهو الذي تفطن للمادة الخطيرة بعد أن سكب جزءا منها على جسمه وحرقه.. وعن الصدمة التي أصابتهما ثم قرارهما الاستعانة بالأمن، وأضاف أنه يشكر سلطات الأمن والقضاء الذي حوّل القضية الى قضية رأي عام ووطن.. لكن ما يعيبه هو أنه لم يتمّ البحث أيضا مع الحارس الليلي وبقية العمال الذين يشهدون على ما يحدث ليتحمل المسؤول مسؤوليته لا العامل البسيط كبش الفداء.
وأضاف بأن ما يحدث خطير فالتلاعب في عينات الحليب مازال متواصلا بتستّر شديد.. كما أن الحليب الذي كان يقدم أيام كانت الشركة المتعاملة مع المجمع تقوم بإرسال الأعوان للمراقبة الصحية كانت طازجة ومختلفة عن أيام غيابهم.
وبكثير من الألم قال لطفي الدريدي «لا عداوة تجمعنا مع صاحب المجمع.. فنحن من حفر أساسه منذ خمس سنوات.. ونحن من كان ينتظر نجاحه.. لكن ما يحدث لا يرضي اللّه.. وهو بعيد عن الانسانية..» وتفاءل محدثنا بأن يجد القضاء والأمن العادل والنزيه مجراه ليقف أمام من يعتبرون أنهم «مُسندون» ومعهم رؤوس كبرى.
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.