«الشروق» حاولت تسليط الضوء على ملف تدهور المستوى التعليمي للتلاميذ... ومصير أجيال من أبنائنا وتلاميذنا.
قام البرنامج الدولي لمتابعة مكتسبات التلاميذ (PISA) باعتماد مؤشرات عديدة لتقييم وقياس كفاءة النظم التعليمية للبلدان والقدرات الاستيعابية للتلاميذ في الميادين العلمية.
وقد تراوح ترتيب تونس في ما بين البلدان الخمسة الأخيرة ضمن 65 دولة.
ويستهدف هذا البرنامج التقييمي التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE) قياس درجة الاستيعاب لدى التلميذ. وهو يستهدف التلاميذ من ذوي المستوى المتوسط والذين يبلغون 15 سنة، كما يهدف البرنامج الى معرفة مكتسبات التلميذ وتقييمها بعد انهاء المرحلة الاعدادية المفترضة.
وتتمحور الاختبارات حول القراءة والعلوم والرياضيات وهي اختبارات في شكل استجواب معمق. وقد احتلت تونس المراتب الأخيرة في قائمة الدول التي توجد دون المعدل وضمن المراتب الأخيرة للاختبارات.
فشل النظام
أرجع محمد أمين الكريفي (رئيس منظمة التلميذ) الفشل المدرسي في تونس الى فشل النظام التربوي في تونس. وأشار الى وجود 130 ألف منقطع عن صفوف الدراسة واعتبر ان منظمة التلميذ تسعى ضمن مهامها الى اصلاح التعليم الذي تدهور وجعله ضمن الانتظارات.
وقال إنه تم تقديم مقترحات في هذا الاطار كما ارجع محمد أمين هذا التراجع الى المناهج الدراسية والتوقيت المدرسي وغياب البيداغوجيا التعليمية اللازمة من الأساتذة لإيصال المعلومة للتلميذ إضافة الى العقلية التي تم زرعها عند التونسي تدرس أو لا تدرس. فالنهاية بطالة».
ولاحظ محمد أمين ايضا ان النظام التأديبي في المدارس والمعاهد مثل اخراج التلميذ وطرده نحو الشارع وغيرها من المظالم التي ساهمت في هذا التدهور.
تحدث الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي لسعد اليعقوبي عن الدراسة الصادرة والمصنفة للتلميذ التونسي ضمن المراتب الأخيرة ووصفها بالمخجلة.
وأضاف ان ما خلصت اليه الدراسة نتيجة طبيعية فتدهور المستوى جراء سياسة دخلت فيها تونس منذ سنة 1991 عندما وقعت اتفاقية مع البنك الدولي والتي تقضي بالرفع التدريجي لمساهمتها في التعليم وهو ما دمر التعليم.
من جهة ثانية أشار محدثنا الى افراغ التعليم من محتواه قصد خلق أجيال من المواطنين «الفارغين» فكريا واجتماعيا وثقافيا وغير المتزنين.
وقال ان الأصوات الرافضة لهذا التوجه قبل الثورة كانت خافتة بسبب الدكتاتورية، وأن النقابيين لم يكونوا يقومون بإضرابات وتقديم مطالب مادية وامتيازات، فهي كانت تدافع عن الأسس والمناهج التعليمية.. وقد تكون تلك الاحتجاجات على قلتها قد جنبت البلاد ما هو أسوأ.
أين الاستراتيجية
تساءل الكاتب العام لنقابة الثانوي حول سبب غياب سياسة حكومية واضحة لإصلاح التعليم بعد الثورة وكأن التعليم آخر الاهتمامات رغم أن تونس في مرحلة بناء. لتبقى التجاذبات السياسية هي المسيطرة أمام ملفات حساسة ولها أولوية.
وأشار الى ما شهدته المؤسسات التربوية من مظاهر سلبية مثل العنف وسعي المتطرفين لاستقطاب أجيال التلاميذ الصاعدة من مراهقين وانتشار المخدرات والسلوكيات السلبية.
وقال : «لا يجب أن يكون الحل ترقيعيا ولا يجب ان يتم تسييس الملف التربوي من خلال الدعاية لبرامجهم او البحث على الكم في الشهائد دون الكيف.
ودعا الى اعلان المنظومة التربوية منظومة فاشلة والتكاتف بين كل الأطراف لإعادة بنائها واعادة مراجعة المناهج والخروج بسرعة من عنق الزجاجة والتأسيس الى مدرسة عمومية حقيقية لها آليات عمل واضحة.
واعتبر ان المشاكل التي حدثت بعد الثورة ومشاكل ساعات التدريس وغيرها مشاكل جزئية ويجب معالجة المنظومة في كليتها.
مشاكل بالجملة
قالت السيدة نعيمة الهمامي عضو النقابة العامة للتعليم الثانوي انه قد تم التنبيه أكثر من مرة الى المشاكل التي يعاني منها قطاع التربية والى مستوى الشهائد وتدهور الامتحانات. وقد دعت النقابة أكثر من مرة الى مراجعة المنظومة التعليمية.
وفي عملية تشخيصية للواقع تقول السيد نعيمة ان هناك ألف تلميذ انقطعوا الى اليوم عن التعليم، كما تعيش المؤسسات التربوية واقعا يتميز بالعنف بروز السلوكيات السلبية.
وأشار التلميذ الى المستوى التعليمي الضعيف للتلاميذ جراء جملة من الأسباب منها اعتماد الارتقاء الآلي في فترة ما وهو ما يجعل التلميذ ينجح باستمرار من قسم الى آخر وصولا للاعدادي. ولاحظت حسب بعض «الزملاء» وجود تلاميذ اعدادي لا يجيدون كتابة أسمائهم.
وأضافت بأن التعليم الذي تم تسييسه جعله أفرغ من محتواه. كما أشارت الى أسباب أخرى منها غياب دور الولي وغياب تأطير الاطار التدريسي وانخرام البنية التحتية وعدم الاستثمار فيها.
من جهة أخرى أشارت السيدة نعيمة الى خطورة العقلية التي يتم ترويجها حول أن التعليم لا جدوى من ورائه وأن البطالة تنتظر كل من يدرس ولا يدرس. كما لاحظت ان بعض النماذج التي تروج للقيم المادية مثل نجاح «الكوارجي» والفنان والمهرب جعلت كثيرون يتسهزئون بالتعليم... بل ويذهب البعض للاستهزاء بمظهر الاستاذ وثيابه وسيارته.. كلها عوامل جعلت التعليم في تونس الى الوراء يسير.
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.