مشقة المهنة تتأتى من كون ساعات العمل في التدريس هي ساعات مركزة و موجهة كليا للعمل و لا غير العمل بحكم طبيعة المهنة في حد ذاتها و التعامل مع صغار و مراهقين في مراحل عمرية صعبة التحكم و التسيير ... و لا تتوفر بها الأريحية الفكرية و العصبية المتوفرة في غالبية القطاعات الأخرى ( التأني في العمل + التنقل بين المكاتب + إحتساء القهوة + التحدث و الفضفضة مع الزملاء + المكيفات و السخانات + التمدد و التمطط و حتى النوم + الضحك و اللعب و الفدلكة + الخروج لقضاء الشؤون الخاصة + الجلوس بالمقهى لساعات + الفايسبوك + ... ) و كل ذلك لا يوجد إطلاقا في مهنة التدريس لأنها تتطلب تركيزا تاما و نهائيا مع الدرس و التلاميذ ... تتولد عنها ضغوطات متنوعة من كل جانب : ضغط الدرس + ضغط وقت الدرس + ضغط البرنامج +ضغط طرق التدريس و وسائله + ضغط مدى نجاح العملية التعليمية + ضغط التفاعل و التجاوب مع الدرس + ضغط الكم العددي للتلاميذ في الفصل + ضغط معوقات التعلم + ضغط سلوكيات التلاميذ المنحرفة أو المستهترة و كل تلميذ و تصرفاته + ضغط وضع القاعة و مدى نظافتها و تنظيمها + ضغط الأبواب و النوافذ المكسرة + ضغط الأصوات الصادرة من خارج القاعة سواء من قاعات أخرى أو من خارج المعهد ...
و كل هذه الضغوطات يجريها الأستاذ أو المعلم في عمليات ذهنية في نفس التوقيت و في نفس اللحظات ... بما يشكل إرهاقا فكريا و عصبيا يفوق تحمل الطاقة البشرية ... لهذا تقدر ساعة عمل في التدريس علميا و صحيا و طبيا ب : ما بين 4 و 7 ساعات عمل بدني أو إداري عادي ... أي 18 ساعة عمل في الأسبوع تقدر في الأصل بما يزيد عن 72 ساعة عمل ... لذلك يصاب عدد لا بأس به من المربين بأمراض مزمنة كالسكري و القلب و ضغط الدم ... و هو ما يفسر أيضا الجلطات و السكتات الدماغية و القلبية القاتلة لهم ... و من هنا تعرف و تصنف منهة التدريس على أنها مهنة شاقة ... و تزداد شقاءا مع تغير الأجيال التلميذية سلوكيا نحو الهيجان و الغليان و الفوضى و الإنحراف أكثر من ذي قبل ....
ــــــــــــــــــــــــــ
عادل فالحي
ــــــــــــــــــــــــــ
عادل فالحي
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.