أمرت وزارة التربية مديريها الولائيين بتضييق الخناق على موظفي القطاع، وإخضاعهم لإجراءات مشددة للحد من العطل المرضية، من خلال إلزام كل من تتجاوز عطلته 8 أيام بتقديم ترخيص كتابي من مدير التربية، كشرط لاستئناف العمل، مع إثبات التعويض من الضمان الاجتماعي مرفقا بتقرير طبي، وهو ما ثمّنه مديرو المؤسسات التربوية الذين انتقدوا اللجوء المفرط لهذه العطل، التي تجاوزت المعدل المسموح به وبلغت نسبة 4 بالمائة على المستوى الوطني.
وجهت وزارة التربية تعليمة لرؤساء المؤسسات التعليمية ومفتشي إدارات الابتدائيات، تمنع فيها الأساتذة من أي عطل مرضية، وتجبر المعنيين بها من الذين تتجاوز مدة توقفهم عن العمل ثمانية أيام، على تقديم ترخيص وموافقة من قبل مديري التربية عبر مختلف الولايات، كشرط للعودة إلى منصب العمل: “بعد التجاوزات التي تم تسجيلها بخصوص عطل مرضية مزيّفة، نتائجها السلبية تعود على المتمدرسين..”.
وتنص تعليمة الوزارة التي تحمل رقم 302/4.4/2016، وتحوز “الخبر” على نسخة منها، على محاربة ظاهرة المبالغة في العطل المرضية والغيابات التي لها انعكاسات سلبية على تمدرس التلاميذ، وعلى تحصيلهم الدراسي ونتائجهم في مختلف الامتحانات، وقد جاء فيها بأنه “في إطار معالجة هذا الداء الذي تفشى عند بعض الموظفين، ولوضع حد لهذه التجاوزات التي ترتكب في حق التلاميذ، رغم الجهود المبذولة والإجراءات المتخذة، أذكّركم مرة أخرى بأن العطل المرضية غير المعترف بها من مصالح الضمان الاجتماعي وغير المعوّضة، تعتبر غيابا غير شرعي وتخليا عن منصب العمل خلال تلك الفترة، وما تقديم الشهادات الطبية إلا تلاعبا يترتب عليه اتخاذ الاجراءات القانونية..”.
وذكرت وزارة التربية بأن استئناف العمل لأصحاب العطل التي تتجاوز ثمانية أيام، يكون بعد ترخيص كتابي مسبق من مدير التربية بناء على طلب خطي من الموظف المعني، مرفق بنسخ من الشهادات الطبية والترخيص الطبي باستئناف العمل، وما يثبت تعويض مصالح الضمان الاجتماعي، أو حتى موافقته عليها وتقرير طبي عند الضرورة.
وأعلنت الوزارة أنه لا يمكن قبول هذه الظاهرة مهما كانت الأعذار والمبررات، وطلبت من مديري التربية والمفتشين ومديري المؤسسات التربوية، بالحرص على محاربتها، كل من موقعه، من خلال التطبيق الصارم للتعليمة. ويبدو أن نورية بن غبريت التي انتقدت مؤخرا بشدة انشغال موظفي القطاع بالمكاسب المادية التي استفادوا منها، على حساب تطبيق وتكريس ميثاق أخلاقيات التعليم، عازمة على الضرب بيد من حديد، بدليل إعادة بعث تعليمة كان قد أصدرها الوزير الأسبق بن بوزيد، واضطر إلى سحبها بضغط من النقابات، إضافة إلى مطالبة مديري التربية الولائيين شخصيا بقمع أي محاولة للمساس بمصداقية القطاع، من خلال منحهم وحدهم صلاحية الفصل في قرار استئناف الموظف المعني بالعطلة المرضية عمله، خاصة إذا تجاوزت مدتها 8 أيام. من جهته، اعترف رئيس اللجنة الولائية لمديري المتوسطات في قسنطينة، وممثل هذه الفئة في اتحاد عمال التربية والتكوين، صالح برغوم، في تصريح لـ “الخبر”، بوجود إفراط كبير في اللجوء إلى العطل المرضية من جميع أسلاك القطاع، وقال إن وزارة التربية التي أصدرت التعليمة، لم تقم سوى بإعادة إحياء هذه الإجراءات التي فشل في تطبيقها وزراء سابقون تعاقبوا على القطاع.
وبحسب محدثنا، فإن نورية بن غبريت أقرت هذه الإجراءات الصارمة بعد أن سجلت ارتفاعا خطيرا في عدد العطل المرضية، تجاوز معدله المعايير المعمول بها، فقد بلغ نسبة 4 بالمائة على المستوى الوطني، وهو ما من شأنه التأثير على التحصيل العلمي للتلاميذ، والإخلال بين الزمن المعرفي والزمن الدراسي، ليجد الأستاذ نفسه مثلا مرغما على تقديم حصة من المفروض أن تستغرق ساعتين أو أكثر، في أقل من ساعة. ومن شأن هذا القرار الذي ثمّنه ممثل مديري المؤسسات التربوية، المحافظة على وتيرة التمدرس أيضا. وأهم ما جاء في التعليمة، مثلما يقول، أن الوزارة أوكلت مهمة الترخيص لاستئناف العمل لمدير التربية، لرفع الحرج عن مديري المؤسسات التربوية وتجنيبهم صراعات مع الأساتذة، خاصة بعد أن أصبح العديد منهم يستعمل الهاتف لتبرير غيابه. -
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.