قصة حسن وحسين من الواقع ..الشخص السلبي و الشخص الإيجابي المتحمس الباحث عن التغيير
في قرية نائية عن المدينة، أقرب مصدر ماء صالح للشرب فيها هو النهر الذي يبعد ثلاثة كيلومترات على القرية. قرر عمدة القرية أن يقوم بانتداب شخصين للقيام بمهمة جلب الماء من الواد. وقع الإختيار على حسن وحسين، صديقين مقربين يبحثان عن فرصة عمل. بدأت الأشغال وكانت مهمتهما اليومية هي جلب الماء من النهر الى القرية، ونهاية كل شهر يتحصلان على راتب يكفي فقط للاحتياجات الأساسية من مأكل ومشرب وملبس.
بعد مرور ثلاث سنوات من العمل المضني والمتواصل، بدأ حسن في الشعور بالملل والإجهاد، خاصة وأن لاشيء تغير في حياته بل إن جسده الضئيل بدأ يفقد قدرته على المواصلة. وفي يوم من الأيام، خطرت لحسن فكرة جديدة، تحمس لها كثيرا حتى أنه خرج مسرعا لزميله حسين ليحدثه عنها.
تخيل يا حسين لو أننا قررنا أن نخصص الفترة المسائية بعد العمل اليومي للقيام بحفر مجرى صغير يربط بين القرية والنهر، في كل يوم نتقدم مترين أو ثلاث، وبحسابات بسيطة، وبعد ثلاث سنوات، سيصبح لدينا خط أنابيب خاص بنا، يأتينا الماء بنفسه بدل أن نذهب إليه، ونرتاح من هذا المجهود المضني، بل ويصبح لدينا مشروعنا الخاص الذي يعمل من أجلنا ولن نحتاج للعمل بعدها براتب زهيد مع غيرنا. وعندها يا حسين بدل أن نعمل من أجل المال، سنجعل المال هو الذي يعمل من أجلنا.
كانت ردة فعل حسين غير متوقعة، فقد ضحك على صديقه واخبره أن مايقوله مجرد حلم وهذيان، وأنه لن يستطيع تحقيقه، لأنه يتطلب وقتا وجهدا كبيرا، كما أنه سيقوم بشيء جديد سيعرّضه للسخرية من أهل القرية، خلاف ذلك قد لا يستطيع اكمال المشروع وقد يتوقف في اي لحظة لأي سبب كان.
كان حسين متشائما جدا، يخاف من التغيير، ويتهرب من خوض تجارب جديدة في حياته، على خلاف حسن الذي كان متحمسا جدا لمشروعه، واثقا من نفسه، متوكلا على ربه. كان حسن يعيش باحثا عن حل، كان يعيش دور البطل لا الضحية، قرر أن يبدأ لوحده وأن يعتمد على نفسه، وأن يصنع نجاحه من الصفر، قرر ألا يلتفت وراءه، وألا يبحث عن أعذار ومبررات تبقيه على وضعه الحالي.
بدأ حسن أعماله، كان ملتزما ونشيطا وعازما على الاكمال حتى النهاية، كل يوم يتقدم خطوة صغيرة نحو هدفه، لا يلتفت لكلام الناس، ولا يتأثر بسلبيات المجتمع، كان صبورا و مثابرا. مرت الأيام، ثم الشهور، ثم السنوات. وفعلا، وبعد ثلاث سنوات، صار المجرى جاهزا، فتح المجرى من النهر وتدفق الماء بسرعة الى القرية حيث كان حسن في انتظاره بكل سعادة وفخر. نجح حسن في صناعة خط أنابيبه الذي جعله من أثرى أثرياء القرية، أصبح يحقق دخلا عاليا ومستمرا من بيعه للماء لسكان القرية، بل أصبح حسن يعيش حرية مالية وحرية في الوقت كذلك، المدخول مستمر حتى لو كان حسن غائبا عن موقع العمل، فتجده يسافر ويمارس هواياته، ويتفسح مع عائلته وذلك المدخول لا يتوقف.
نجح حسن في صناعة خط أنابيبه، وبقي حسين في نفس مكانه، يعمل براتب زهيد، لا يكاد يكفيه هو عائلته. ندم حسين ندما شديدا على ضياع الفرصة من بين يديه، وواصل دور الضحية في المجتمع، وزاد فصلا جديدا من الفشل في حياته، وبقي يحدّث الناس عن قصة فشله وعن حظه العاثر، أما حسن فقد ألهم الكثير من الناس ليبدؤوا في صناعة خط أنابيبهم.
نتمنى أن تكون أنت أيها القارئ الكريم أحد هؤلاء الناس!
إذا كنت حقا تبحث عن طريقة مناسبة وبسيطة ومتاحة لتبدأ في صناعة خط أنابيبك، فلا تتردد في التواصل مع الشخص الذي أهداك هذه القصة، لكي يرشدك ويوجهك وينصحك، ولكن قبل أن تتصل به، يجب أن تتأكد أولا أنك تملك عقلية حسن وتفاؤل حسن وطموح حسن.
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.