آخر الأخبار

بعد تعيينه في الحكومة الجديدة:وزير التربية ... في مهمّة مستحيلة




التونسية 02-02-2014 : بعد تعيينه في الحكومة الجديدة:وزير التربية ... في مهمّة مستحيلة 
في البداية وعلى لسان رجال التعليم نشدّ على سواعد وزرائنا ممن التحقوا بتشكيلة الحكومة الجديدة على نخب مستقبل قريب نقطع فيه مع «الهزان والنفضان» لبناء تونس الحديثة والمتجددة وقد انبلجت من رحم ثورة 14 جانفي.. وقد استبشر المربون فعلا لما قدم المهدي جمعة اسماء حكومته الجديدة لتتضح استقلالية وزارة التربية بعد ان تسربت اخبار تشير الى امكانية دمجها مع وزارة التعليم العالي ليكون عليهما وزير واحد ابن ميدان البحث العلمي في وقت ندرك فيه جيدا انه لا يعرف أسرار وزارة التربية الا أهلها وناسها وابناؤها والا خرجت عن مسارها. 
حلول الدكتور فتحي الجراي على رأس وزارة التربية يؤشر مبدئيا الى ان نسبة نجاحه في مهمته ستكون محترمة باعتباره ابن التعليم، مر من المجال التربوي في صلب الجامعة التونسية لندرك ان الرجل من الميدان وخريج الفضاء التربوي بكل عناصره المادية والبشرية واللوجستية ولو أننا نعي جيدا بأن هناك بونا شاسعا بين ماهو نظري.. وما هو تطبيقي لان فتحي الجراي سيجد نفسه «من الطبق.. الى بيت النار» في كماشة المطالب والاحتجاجات والملفات الصادرة عن ابناء الدار من مربين واداريين وطرف نقابي الى جانب خريجي كليات يرغبون في الالتحاق بميدان التعليم دون ان نغفل عن منظومة تربوية تستجدي الاصلاح والتغيير والتهذيب.. ومؤسسات تربوية تتداعى وتوشك قاعاتها على السقوط ومحفظة ثقيلة ارهقت ظهور الاطفال الصغار وزمن قتل مملكة الابتكار والموهبة والذكاء لدى الناشئة لانهم صاروا في قبضة الدروس الخصوصية زمن الراحة مما جعلهم يقاطعون النوادي والمنظمات والجمعيات.
وزير التربية الجديد سيجد نفسه مجبرا على الانطلاق من الخطوة الاولى اذا ما علم انه لم يعد لسبورة القسم ومنضدة التلميذ مكان في التربية الحديثة وبعدهما تتوالى النقاط في كل المجالات التربوية والتعليمية بين المدارس الابتدائية والاعداديات والمعاهد الثانوية بكل ما فيها من نقائص على مستوى البنية التحتية بداية من الباب الخارجي وصولا الى القاعات مرورا بالمجموعات الصحية وميادين تعاطي حصص التربية البدنية.
ولأن اليد الواحدة لا تصفق ولا تأتي الثمار بالعمل الفردي في مثل هذه الفترات الحساسة من الوضع الداخلي والخارجي للبلاد.. حتما سيعتمد الدكتور فتحي الجراي على اطارات و «كوادر» وزارة التربية من خبراء التعليم والبيداغوجيا وتكنولوجيا المعلومات والاتصال والتخطيط والبناء والتجهيز طالما أنّ هذه العناصر هي مقومات المدرسة التونسية في توهجها المعنوي والمادي والبشري ولا يمكن لها ان تخرج من عنق الزجاجة الا اذا شمل الاصلاح كل العناصر ولو بنسب متفاوتة خاصة ان وزير التربية الجديد سيكون امام اختبار امتحان شهادة الباكالوريا وبنسبة اقل مناظرتي الدخول الى الاعداديات والمعاهد النموذجية لما لهذه المناظرات من وزن معنوي واجتماعي في صلب العائلات التونسية الى درجة ان الدولة برمتها تتفاعل مع الباكالوريا وتتجاوب معها بكل ثقلها وترى ان نجاح هذه المناظرة يعطيها متنفسا اجتماعيا وتربويا وسياسيا يثبت سياستها في الداخل والخارج.
كما ان وزير التربية الجديد سيجلس حتما مع الطرف النقابي الذي ما انفك يفتح ملفات رجال التربية في خصوص الترقيات والمنح مع كل وزير والاكيد ان المفاوضات ستتواصل حتما مع فتحي الجراي خاصة ان بقاءه على رأس وزارة التربية ستحدده الانتخابات القادمة ولعلها لن تطول مما يجعل الهياكل النقابية للتربية تسرع الخطى حتى لا تفوت فرصة من ذهب وتجلس مع وزير هو ابن الدار ورجل تربية قبل ان يكون رجل سياسة وادارة.
المهمة معقدة ومركبة فيها الكثير من الصعوبة والتعقيد.. وتتطلب فطنة وذكاء ودهاء وصبرا ومداومة لان التعليم في جوهره مجال حساس ودقيق ورهيف والدليل ان الوزراء الثلاثة الذين حلوا بمكتب وزارة التربية منذ ثورة الحرية والكرامة لم يقدموا الاضافة للميدان فارتكبوا كثيرا واخطؤوا في فتح ملفات ومناقشتها وتاهوا كلما جلسوا يفاوضون الجانب النقابي والمثال يأتي بوضوح لما اعلن سالم لبيض عن استقالته دون ان يغادر مكتبه مبرزا عدم نجاحه الكلي في ادارة وزارة التربية وهي رسالة مضمونة الوصول الى فتحي الجراي حتى يدرك ما اليه.. وما عليه في صلب وزارة لها ثقلها وخصوصياتها في المجتمع التونسي قبل ان تكون تحت لواء حكومة سياسية على اعتبار ان ابعادها اجتماعية وثقافية وتربوية واقتصادية قبل ان تكون سياسية..

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.